محفوظ المدير العام
البلد : عدد المساهمات : 280 نقاط : 802 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 11/08/2010
| موضوع: علامات حب الله تعالى للعبد و الحث على التخلق بها و السعي في تحصيلها للامام ابن عثيمين السبت ديسمبر 04, 2010 1:37 pm | |
| والحث على التخلق بها والسعي في تحصيلها
قال تعالى: ( قُلْإِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُوَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [آل عمران:31] ، وقال تعالى : ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِفَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍعَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِيسَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِيُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [المائدة:54] . 1/386 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنالله تعالى قال : من عادى لي ولياً ، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبديبشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتىأحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التييبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني، أعطيته، ولئن استعاذني، لأعيذنه )) رواه البخاري (227) . معنى (( آذنته )) : أعلمته بأني محارب له . وقوله (( استعاذني )) روي بالباء وروي بالنون . 2/387 ـ وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : (( إذاأحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحببه،فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء : إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبهأهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض )) متفق عليه (228) . وفي رواية لمسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إنالله تعالى إذا أحب عبداً دعا جبريل، فقال : إني أحب فلانا فأحببه، فيحبهجبريل، ثم ينادي في السماء فيقول : إن الله يحب فلاناً فأحبوه فيحبه أهلالسماء، ثم يوضع لهالقبولفي الأرض، وإذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول : إني أبغض فلانا، فأبغضه،فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء إن الله يبغض فلاناً، فأبغضوه ،فيبغضه أهل السماء ثم توضع له البغضاء في السماء )) (229) . 3/388 ـ وعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بعثرجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه قي صلاتهم ، فيختم بـ (( قُلْ هُوَاللَّهُ أَحَدٌ ) فلما رجعوا ، ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلمفقال : سلوه لأي شيء يصنع ذلك ؟ )) فسألوه، فقال : لأنها صفة الرحمن ،فأنا أحب أن أقرأ بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( أخبروه أنالله تعالى يحبه )) متفق عليه(230) .
الـشـرح قالالمؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ : باب علامات حب الله تعالى للعبد ، يعنيعلامة أن الله تعالى يحب العبد ؛ لأن لكل شيء علامة ، ومحبة الله للعبدلها علامة ؛ منها كون الإنسان متبعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كلما كان الإنسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتبع ؛ كان لله أطوع ، وكان أحب إلى الله تعالى . واستشهد المؤلف رحمه الله لذلك بقوله تعالى: ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )[آل عمران:31]. يعني إن كنتم صادقين في أنكم تحبون الله فأروني علامة ذلك : اتبعوني يحببكم الله . وهذهالآية تسمى عند السلف آية الامتحان ، يمتحن بها من ادعى محبة الله فينظرإذا كان يتبع الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ فهذا دليل على صدق دعواه . وإذا أحب الله ؛ أحبه الله عز وجل ، ولهذا قال : ( فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ) وهذه ثمرة جليلة ؛ أن الله تعالى يحبك ؛ لأن الله تعالى إذا أحبك ؛ نلت بذلك سعادة الدنيا والآخرة . ثم ذكر المؤلف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )) منعادى لي ولياً : يعني صار عدوا لولي من أوليائي ، فإنني أعلن عليه الحرب ،يكون حرباً لله . الذي يكون عدوا لأحد من أولياء الله فهو حرب لله والعياذبالله مثل أكل الربا ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [البقرة: 279] . ولكن من هو ولي الله ؟ ولي الله سبحانه وتعالى في قوله:( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) [يونس: 62 ،63] . هؤلاءهم أولياء الله ، فمن كان مؤمناً تقياً ؛ كان لله ولياً ، هذه هي الولاية، وليست الولاية أن يخشوشن الإنسان في لباسه ، أو أن يترهبن أمام الناس ،أو أن يطيل كمه أو أن يخنع رأسه ؛ بل الولاية الإيمان والتقوى (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) فمن عادى هؤلاء فإنه حرب لله والعياذ بالله . ثم قال الله عز وجل في الحديث القدسي : (( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضه عليه )) يعنيأحب ما يحب الله الفرائض . فالظهر أحب إلى الله من راتبة الظهر ، والمغربأحب إلى الله من راتبة المغرب ، والعشاء أحب إلى الله من راتبة العشاء ،والفجر أحب إلى الله من راتبة الفجر ، والصلاة المفروضة أحب إلى الله منقيام الليل ، كل الفرائض أحب إلى الله من النوافل ، والزكاة أحب إلى اللهمن الصدقة ، وحج الفريضة أحب إلى الله من حج التطوع ، كل ما كان أوجب فهوأحب إلى الله عز وجل . (( وما تقرب إلى عبد بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل حتى أحبه )) وفيهذا إشارة إلى أن من أسباب محبة الله أن تكثر من النوافل ومن التطوع ؛نوافل الصلاة ، نوافل الصدقة ، نوافل الصوم ، نوافل الحج ، وغير ذلك منالنوافل . فلايزال العبد يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله ، فإذا أحبه الله كانسمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصره به ، ويده التي يبطش بها ، ورجلهالتي يمشي بها ، ولئن سأله ليعطينه ، ولئن استعاذه ليعيذنه . (( كنت سمعه )) يعني : أنني أسدده في سمعه ، فلا يسمع إلا ما يرضي الله ، (( وبصره )) أسدده في بصره فلا يبصر إلا ما يحب الله (( ويده التي يبطش بها )) فلا يعمل بيده إلا ما يرضي الله (( ورجله التي يمشي بها )) فلا يمشي برجله إلا لما يرضي الله عز وجل ، فيكون مسدداً في أقواله وفي أفعاله . (( ولئن سألني لأعطينه )) هذه من ثمرات النوافل ومحبة الله عز وجل ؛ أنه إذا سأل الله أعطاه ، (( ولئن استعاذني )) يعنياستجاربي مما يخاف من شره (( لأعيذنه )) فهذه من علامة محبة الله ؛ أن يسددالإنسان في أقواله وأفعاله ، فإذا سدد دل ذلك على أن الله يحبه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاًسَدِيداً (70) ( يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْذُنُوبَكُم ) [الأحزاب: 70 ،71] . وذكرأيضاً أحاديث أخرى في بيان محبة الله سبحانه وتعالى وأن الله تعالى إذاأحب شخصاً نادى جبريل ، وجبريل أشرف الملائكة ، كما أن محمداً صلى اللهعليه وسلم أشرف البشر . ((نادى جبريل إني أحب فلاناً فأحبه، فيحبه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء :إن الله يحب فلاناً فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم يوضع له القبول فيالأرض )) فيحبه أهل الأرض . وإذاأبغض الله أحداً ـ والعياذ بالله ـ نادى جبريل : إني أبغض فلاناً فأبغضه ،فيبغضه جبريل ، ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلاناً فأبغضوه ،فيبغضه أهل السماء، ثم يوضع له البغضاء في الأرض ، والعياذ بالله ؛ فيبغضهأهل الأرض وهذاأيضاً من علامات محبة الله، أن يوضع للإنسان القبول في الأرض، بأن يكونمقبولاً لدى الناس ، محبوباً إليهم ، فإن هذا من علامات محبة الله تعالىللعبد . نسأل الله أن يجعلنا والمسلمين من أحبابه وأوليائه .
----------------------
(217)رواه البخاري ، كتاب الإيمان ، باب حلاوة الإيمان ، رقم ( 16 ) ، ومسلم ،كتاب الإيمان ، باب خصال من اتصف بهن حلاوة الإيمان ، رقم ( 43 ) . (218)رواه البخاري ، كتاب الأذان ، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة ، رقم (660 ) ، ومسلم ، كتاب الزكاة ، باب فضل إخفاء الصدقة ، رقم ( 1031 ) . (219) رواه مسلم ، كتاب البر والصلة ، باب في فضل الحب في الله ، رقم ( 2566 ) . (220) رواه مسلم ، كتاب الإيمان ، باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون ، رقم ( 54 ) . (221) رواه مسلم ، كتاب البر والصلة ، باب في الحب في الله ، رقم ( 2567 ) . (222) رواه مالك في الموطأ ( 2/ 593 ) . (223)رواه أبو داود ، كتاب الأدب إخبار الرجل بمحبته إياه ، رقم ( 5124 ) ،والترمذي ، كتاب الزهد ، باب ما جاء في إعلام الحب رقم ( 2392 ) . (224) رواه أبو داود ، كتاب الصلاة ، باب في الانتظار ، رقم ( 1522 ) ، والنسائي ، كتاب السهو ، باب نوع آخر من الدعاء ، رقم ( 1303 ) . (225) رواه أبو داود ، كتاب الأدب ، باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه ، رقم ( 5125 ) . (226)رواه البخاري ، كتاب أحاديث الأنبياء ، باب خلق آدم صلوات الله عليه ، رقم( 3336 ) ، ومسلم ، كتاب البر والصلة ، باب الأرواح جنود مجندة ، رقم(2638) من كتاب (شرح رياض الصالحين) للعلامة ابن عثيمين-عليه رحمة الله- | |
|