البلد : عدد المساهمات : 280نقاط : 802السٌّمعَة : 0تاريخ التسجيل : 11/08/2010
موضوع: عائشة أم المؤمنين في الجنة الخميس ديسمبر 09, 2010 11:18 am
عائشة أم المؤمنين في الجنة
د. باسم عامر
الحمدلله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياءوالمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، وبعد،،، فلا ريبعند كل مؤمن ومؤمنة في أنَّ عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في الجنة،ومن قال خلاف ذلك فهو أحد اثنين؛ إما جاهلٌ حاطبٌ بليل ليس عنده علم، وإماجاحدٌ منافقٌ ظاهر النفاق. ومسألة كون عائشة أم المؤمنين في الجنة لايستدعي اجتهاداً جديداً لأنه من مسلَّمات الدين، ولكن لما كَثُر المنافقونفي هذا العصر وجب على المسلمين تذكير بعضهم البعض بمثل هذه البديهيات التيلا خلاف عليها، حتى يكون المسلمون على وعيٍ وإدراك، وحتى لا تنطلي عليهمشبهات أهل الزيغ والضلال. فنقول أن عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها في الجنة، ومما دلَّ على ذلك ما يلي: -نزول آيات كريمات من فوق سبع سماوات تُتلى آناء الليل وأطراف النهار إلىقيام الساعة من أجل تبرئة أم المؤمنين عائشة من الإفك والقذف والافتراءعلى عرضها الطاهر المطهر، ومن كان شأنه هذا الشأن فلا ريب في قدره الرفيععند الله تعالى وأنه من أهل الجنة، وإلا فهل يُتصور أن ينزل الله تعالىآيات دفاعاً عن كافرٍ أو مجرمٍ ؟ فهذه التبرئة الربانية لا تكون إلالمستحقٍ للجنة. ثم إنَّ الله تعالى ذكر في سياق آيات حادثة الإفك أنَّالذي يعود في الخوض في عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه ليسبمؤمن، فقال تعالى: ( يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِأَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [النور:17]، فمن عاد لذلك فليس بمؤمنٍ،وهذا لا يكون إلا لأولياء الله تعالى أمثال أم المؤمنين عائشة رضي اللهعنها.
- ومن الأدلة كذلك قوله تعالى: ( الْخَبِيثَاتُلِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُلِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ ) [النور:26]. وجهالشاهد: مقتضى هذه الآية الكريمة أنَّ عائشة أم المؤمنين طيبة، ومن قالغير ذلك فهو كافرٌ لاشك في كفره، لأنه يستلزم منه التعرض للنبي صلى اللهعليه وسلم ، ثم إنَّ الله تعالى قال في سياق الآية ذاتها: ( أُوْلَئِكَمُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ )،ففي الآية إشارةٌ إلى عائشة رضي الله عنها أصالةً، وإلى المؤمنات المحصناتالغافلات تبعاً، ثم ختم الله تعالى الآية بأنَّ أولئك لهم مغفرةٌ ورزقٌكريم، أي: الجنة، فالآية الكريمة نصٌ في استحقاق أم المؤمنين رضوان اللهعليها الجنة.
- ومن ذلك أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت: كان اليهوديسلِّمون على النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: السام عليك، ففطنت عائشةإلى قولهم، فقالت: عليكم السام واللعنة، فقال النبي صلى الله عليه و سلم:( مهلا يا عائشة إنَّ الله يحب الرفق في الأمر كله )، فقالت: يا نبي اللهأولم تسمع ما يقولون ؟ قال: ( أولم تسمعي أني أرد ذلك عليهم فأقول وعليكم) رواه البخاري. وجه الشاهد: أنها غضبتْ للنبي عليه الصلاة والسلامودافعتْ عنه، وجزاء المدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم الجنة، أما شبهةالقائلين أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عاتبها على ردها فالجواب: أنَّالله تعالى قال في شأن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَقَدْ مَنَّاللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْأَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْوَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُلَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) [آل عمران:164]، فالنبي صلى الله عليه وسلم بُعِثمزكِّياً ومربِّياً، وأولى الناس بالتزكية والتربية هم أهل بيته وَمَنْ همحوله.
- وعن عائشة رضي الله عنها: أنَّ رسول الله صلى الله عليهوسلم ذكر فاطمة رضي الله عنها قالت: فتكلمت أنا، فقال: أما ترضين أن تكونيزوجتي في الدنيا و الآخرة ؟ قلت: بلى والله، قال: فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة. قال الذهبي معلِّقاً في التلخيص : صحيح، وانظر كذلك السلسلةالصحيحة برقم 2255. - وعنها رضي الله عنها قالت : قال رسولُ الله صلىالله عليه وسلم : « أُريتكِ في المنام ثلاث ليال. جاءني بكِ الملكُ فيسَرَقَةٍ - قِطْعة - من حرير. فيقول: هذه امرأتكَ، فأكشفُ عن وجهك، فإِذاأنت هي، فأقول: إِن يَكُ من عند الله يُمضِهِ ». وفي رواية : « أُريتُكِفي المنام مرتين ». وذكر نحوه، أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية الترمذي: «أنَّ جبريل جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : هذه زوجَتُكَ في الدنيا والآخرة ». قال الألباني: صحيح. الشاهدمن الروايات السابقة: أن النبي صلى الله عليه وسلم شهِد لعائشة بأنهازوجته في الآخرة - أي في الجنة -، وهذا صريحٌ في الدلالة ولا يحتاج إلىمزيد كلام.
- روى البخاري في صحيحه عن أبي وائل الأنصاري قال: (لما بعث عليٌ عمارَ بنَ ياسر والحسنَ بن علي رضي الله عنهم إلى الكوفةليستنفرهم، خطب عمَّار فقال: أني لأعلم أنها زوجته في الدنيا والآخرة - أيعائشة - ... ). وجه الشاهد: أنَّ كلام عمَّار رضي الله عنه هذا في فتنةالتي حصلت بين الصحابة في الجمل، فهل يُعقل في مثل هذه الظروف أن يزكيهابقوله: إنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة ؟ بغض النظر عنالفتنة التي وقعت بين الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً في هذه الحادثة،فإنهم متأولون مجتهدون، وكلا الفريقين مأجورٌ، لكن وجه الشاهد من الكلامأنَّ عمَّاراً رضي الله عنه وهو في الفريق المقابل لأم المؤمنين عائشة رضيالله عنها قال هذا الكلام في حقها انصافاً وإحقاقاً للحق، فرضي الله عنهمجميعاً.
- عن عمرو بن العاص أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعثهعلى جيش ذات السلاسل، قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك ؟ قال : عائشة،قلت: من الرجال ؟ قال: أبوها، قلت: ثم من ؟ قال: عمر ، فعدَّ رجالاً فسكتُمخافة أن يجعلني في آخرهم. متفق عليه وجه الشاهد: كون أم المؤمنينعائشة رضي الله عنها أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقتضي أنهامرافقة للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، فقد أخبر النبي صلى الله عليهوسلم كما في البخاري ومسلم أن: المرء مع من أحب، فحبُّ النبي صلى اللهعليه وسلم لعائشة رضي الله عنها بشارة لها بأنها من أهل الجنة بل أعلىدرجات الجنة.
- عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ صلى اللهعليه وسلم قال لها: ( يا عائشة هذا جبريل يقرأ عليك السلام، فقالت: وعليهالسلام ورحمة الله وبركاته ). متفق عليه وجه الشاهد: أنَّ جبريل عليهالسلام من جملة الملائكة المأمورين بطاعة الله تعالى وعدم عصيانه، قالتعالى: ( ... لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَايُؤْمَرُونَ ) [التحريم:6]، فإذاً سلام جبريل على عائشة لم يكن ليحدث إلابأمر الله تعالى، والسلام من الله تعالى يُفهم منه الرضا والقبول، فهنيئاًلأم المؤمنين هذه المكانة والمنزلة الرفيعة. هذا بعض ما تيسَّر في حقأم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق حبيبة النبي صلى الله عليه وسلم ،فلا يملك العاقل المتجرِّد إلا وأن يذعن للحق ويقف ضد الباطل، وصدق اللهتعالى القائل في كتابه العزيز: ( لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَخَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ )[النور:11].